الأزمة الاقتصادية تهيمن على الانتخابات في فنزويلا
الرئيس مادورو يتعهد بـ "حلق شاربه" في حال إخفاق الحكومة في بناء مليون وحدة سكنية
الأزمة الاقتصادية تهيمن على الانتخابات في فنزويلا
https://www.aleqt.com/a/small/33/33c...fd_w570_h0.jpg
تمكنت الحكومة الفنزويلية من إنشاء 742501 مسكنا منذ 2011 ."رويترز"
«الاقتصادية» من الرياض
تهيمن الأزمة الاقتصادية الخطيرة على الانتخابات التشريعية في فنزويلا المرتقبة في السادس من كانون الأول (ديسمبر) في الوقت الذي تهدد فيه المعارضة بانتزاع الغالبية من تيار تشافيز بزعامة الرئيس نيكولاس مادورو للمرة الأولى منذ 16 عاما.
وبحسب "الفرنسية"، فإنه على الرغم من أن مهرجانات وتجمعات المعارضة لم تبدأ بعد، إلا أن الحديث عن الانتخابات التي سيختار فيها الناخبون الفنزويليون المقدر عددهم بـ 19 مليونا يتردد على كل شفة ولسان في المنازل والمكاتب وطوابير الانتظار في المتاجر.
ويبدو أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو مدركا أهمية هذا الرهان، حيث تعهد بحلاقة "شاربه" حال إخفاق حكومته في بناء مليون وحدة سكنية اجتماعية حتى نهاية العام الجاري، مضيفاً أن "مصير شاربي الآن في يد وزير الإسكان، وأنا على يقين من أن الهدف سيتحقق، وسيمكنني استقبال العام الجديد وأنا محتفظ بشاربي".
وتمكنت الحكومة منذ بداية برنامج إنشاء المساكن المعروف بمسمي "جران ميسون فيفيندا" في عام 2011 من بناء 742501 مسكن. ومن جانبه أوضح مانويل كوفيدو وزير الإسكان أن هناك 260 ألف وحدة سكنية يتم تشييدها الآن على وجه السرعة. وكان الرئيس السابق لفنزويلا قد أطلق مشروعا قوميا للإسكان يستهدف توفير مسكن ملائم للعائلات التي تضررت من الفيضانات الكبيرة التي ضربت البلاد عام 2010، حيث وعد بتوفير ثلاثة ملايين وحدة سكنية بحلول 2019.
ويبدو أن الفنزويليين سئموا من الانتظار لساعات في طوابير للحصول على منتجات أساسية تنقص بقوة مع تضخم تتوقع الحكومة أن يبلغ 85 في المائة هذه السنة فيما يتوقع المحللون أن يبلغ 200 في المائة.
والأمر المستغرب هو أن السخط الشعبي أدى في 2014 إلى تظاهرات عنيفة (43 قتيلا بحسب الحصيلة الرسمية) فيما بقيت الأجواء هادئة في الأشهر الأخيرة، لكن الخلافات تتفاقم مع دنو موعد الاقتراع.
وقالت نانسي دازا (55 عاما) أمام منزلها المتواضع في كراكاس إنها لا تريد أن تخون "قلبها التشافي والاشتراكي" رغم الهموم اليومية، ويرد ابنها من المطبخ على الفور "يجب التصويت للتغيير".
وأوضح جيفرسون ماركيز (21 عاما) وهو تقني كهربائي عاطل عن العمل، أن هذه الحكومة لم تعد صالحة لشيء، "انظروا إلى الكارثة، طوابير انتظار لشراء حاجيات أساسية وكل شيء باهظ الثمن وانعدام أمن مريع، لكن حتى إن لم أكن أعرف مرشحي المعارضة يجب إعطاؤهم فرصتهم لرؤية ما سيحصل". ولاحتواء النقمة الشعبية دعا مادورو أنصاره إلى القيام بحملة "من منزل إلى منزل" من أجل إقناع "المستائين والمترددين"، كما زاد الحد الأدنى للأجور بنسبة 30 في المائة ومنح معاشات تقاعد لـ 110 آلاف شخص. ويعتبر لويس فيسنتي ليون رئيس معهد داتا آنلايزس أنه من البديهي أن الفوز سيعطي المعارضة نفحة أوكسيجن ومزيدا من القدرة لتطالب الحكومة باتخاذ القرارات التي تتجنبها اليوم، محذراً من أن ذلك لن يكون حلا سحريا في هذا البلد الغارق في الأزمة مع تدهور أسعار النفط الذي يعد المصدر الأساسي لعائداته. وتبذل فنزويلا التي يخنقها النقص في العملات الأجنبية، بسبب تراجع عائداتها النفطية، جهودا كبيرة لتأمين السيولة، حتى لو اضطرت إلى القيام بحسومات كبيرة لزبائنها ورهن احتياطاتها من الذهب.
وقامت حكومة مادورو في الأشهر الأخيرة بخفض الديون التي تناهز مليارات الدولارات في مقابل الحصول بصورة فورية ونقدا على المبالغ المتبقية العائدة لها، حيث أسقطت فنزويلا التي تمتلك أكبر احتياطات نفطية في العالم، لكنها غارقة في أزمة اقتصادية حادة، مليارا دولار من الديون النفطية المتوجبة على جامايكا، و1.5 مليار دولار من الديون المتوجبة على جمهورية الدومينيكان، ومنحت شركة انكاب النفطية العامة في الأورجواي، خفضا بنسبة 38 في المائة على الـ 400 مليون دولار المستحقة.
من جهة أخرى، رهنت السلطات الفنزويلية بـ 1.5 مليار دولار احتياطاتها من الذهب، وأصدرت سندات خزينة، وأجرت مفاوضات على قروض تبلغ 2.5 مليار دولار عبر سيتجو، فرع شركة النفط الفنزويلية العامة للتكرير في الولايات المتحدة، التي تعتبر المصدر الأول للتمويل في فنزويلا.
وقال أورلاندو أوشوا، المحلل الاقتصادي، "إن ما حصل يشبه عملية انتحار، فحكومة مادورو تقوم بكل بساطة بتبديد الأصول حتى تصل إلى 2016، من دون أي خطة للإنعاش الاقتصادي"، مشيراً إلى صفقات تتسم بقدر كبير من الغموض بالأصول النفطية.
وبعد مواقف ملتبسة استمرت أشهرا، حددت الحكومة أخيرا، السادس من كانون الأول (ديسمبر) موعدا للانتخابات النيابية المقبلة التي تبدو المعارضة الأوفر حظا للفوز بها، وذلك للمرة الأولى منذ وصول تيار الرئيس الراحل هوجو تشافيز إلى السلطة في 1998.
ورغم الوضع الاقتصادي الكارثي ونقص السلع والأدوية والمواد الغذائية والعجز الكبير والركود (دون 7 في المائة هذه السنة كما يقول صندوق النقد الدولي)، ترفض الحكومة اتخاذ أدنى التدابير لخفض الإنفاق الذي لا يؤيده الناس بالضرورة وتجمده الانتخابات المقبلة.
ونبه أوشوا إلى أنه لن يبقى شيء لبيعه في 2016 باستثناء سيتجو، مذكرا بأن فنزويلا قد تخلت حتى الآن هذه السنة عن مصفاة شالميت في الولايات المتحدة، التي تتقاسم شركة النفط الفنزويلية وأكسون موبيل رأسمالها التي سيؤمن بيعها 330 مليون دولار لكل منهما.
وتترافق عمليات التخلي المتسرعة واستثمار الأسهم في الديون، مع تراجع كبير للاستيراد (أقل من 50 في المائة بين 2013 و2015)، فيما يتعين على الحكومة دفع مليارات الدولارات للشركات الأجنبية التي تزودها بالسلع والخدمات، مثل الشركات الجوية. وفي هذا الوقت الذي يشهد تراجع أسعار النفط الخام، خصص القسم الأكبر من العائدات النفطية لإيفاء التزامات البلاد حيال دائنيها الدوليين، وهذه من الأولويات الثابتة لتيار تشافيز.
وتقول مراكز بحوث "إن على فنزيلا أن تسدد ستة مليارات دولار من الديون والفوائد في 2015"، وأشار آسدروال أوليفيروس مدير مكتب إيكواناليتيكا، إلى أنه إذا بلغ سعر البرميل 47 دولارا، فستواجه فنزيلا نقصا يبلغ 23 مليارا في ميزان المدفوعات.