عائمون على بحر من اللدائن
عائمون على بحر من اللدائن
https://dotemirates-media.s3-eu-west...d96f85bb08.jpg
التجربة مع اللدائن (البلاستيك)، الجارية منذ نصف قرن دون أي ضوابط، آخذة في التحول سريعاً إلى مشكلة لا تقلُّ خطورة عن تغيّر المناخ.
لقد قرأ معظمنا حتى الآن، أن اللدائن، التي تشكل منتوجاً مفيداً على نحو غير معقول، ونستخدمها جميعاً كل يوم، آخذة بالتحول سريعاً إلى العدوّ العام رقم واحد. ونحن نستعمل اللدائن منذ عقود من الزمن، ونتيجة لذلك، توجد اللدائن في كل مكان في أسماكنا، وفي طعامنا، وفي محيطاتنا، وفي أنظمتنا لمعالجة مياه الصرف الصحي، وفي أماكننا العامة. إننا نستعمل اللدائن في كل جزء من حياتنا، من اللدائن ذات الاستعمال لمرة واحدة، مثل الأكياس، والقناني، ومصّاصات العصير، إلى ألعاب أطفالنا إلى ملابس النايلون إلى الدهانات وغير ذلك..
وتُستعمَل جُسيْمات اللدائن، وحُبيْباتها الصغيرة فيما نستخدمه من شامبو، ومعجون أسنان، وصابون، وملايين المنتجات الأخرى، وكلها تحتوي على أنواع شتى من جزيئات اللدائن الصغيرة، وكلها تنفصل داخل أجسامنا، وأفواهنا، وجلدة رأسنا، وجلدنا عندما نستعملها.
واستعمال اللدائن في ازدياد، بأكثر من 10% سنوياً، بينما يبني جبابرة الصناعة المزيد من مصانع اللدائن المربحة، بالوقود الأحفوري عالي الثمن.
وكانت اللدائن في كل مكان سيئة بما فيه الكفاية، ولكنّ دراسات عديدة، وجدت أن 94% من مياه شربنا و93% من عينات المياه المعلبة على نطاق عالمي، مملوءة بجسيمات اللدائن والمواد الكيماوية، ذات الصلة في الدراسات على الحيوانات، وعلى بعض الدراسات البشرية، بالسرطان، والبلوغ المبكر، وانخفاض المناعة، والعيوب الخلْقية، وتعطيل الغدد الصماء، ومقاومة الأنسولين، والأمراض الرئيسية الأخرى.
وليست لدينا فكرة، ولا لدى إدارة الغذاء والدواء، ولا وكالة حماية البيئة (الأمريكيّتيْن)، أو أي وكالة اتحادية أخرى، عمّا إذا كان لهذا المزيج المميت، الذي يتحد مع سموم أخرى، يمارس تأثيراً أعمق على صحتنا، وصحة أطفالنا. وما نحصل عليه الآن من تلك الوكالات «استنتاجات متضاربة» و«معلومات غير يقينية» عن التأثير المحتمل للكيماويات المرتبطة باللدائن. وما نعرفه حقاً هو أن الحكومات تقوم فقط باختبار أو تحليل تأثيرات كل مادة كيماوية على حدة، لكي تحدد مستويات التعرض الذي يُحتمل أن يكون مهدِّداً للحياة، مما يجعل من المستحيل معرفة الشحنة الكلية للمواد الكيماوية من اللدائن، التي يستطيع أطفالنا الصغار امتصاصها بأمان.
لقد أطلقنا نحن - عامة الناس - العنان لهذه المشكلة لتصيبنا، دون إدراك للتأثير الذي تمارسه اللدائن القائمة على الوقود الأحفوري على بيئتنا أو على صحتنا. إن نصف قرن من هذه «التجربة الطليقة» تتحول سريعاً إلى مشكلة لا تقلّ خطورة عن مشكلة تغيّر المناخ، لأنه لا يوجد ركن من أركان الأرض، ولا حيوان، ولا جسم مائي، ولا مخلوق بشري، محصَّنٌ من تأثيراتها.
لعل صناعة اللدائن، وصناعة الأطعمة السريعة التي تعتمد على استعمال اللدائن مرة واحدة، إلى جانب صناعات أخرى، تسير على نهج شركات التبغ الكبرى، في طمأنتها لنا بأن كل شيء على خير ما يُرام. ومع ذلك، فإن كثيراً من الدول تحظر الآن استعمال مادة البسفينول، والباثالات، وغيرهما من الكيماويات من اللدائن في بعض المنتوجات البلاستيكية، وحتى أن الصناعة تبحث عن بدائل مناسبة للدائن القائمة على الوقود الأحفوري، على الرغم من أن العديد من اللدائن «البيولوجية القابلة للتحلل»، لا ترقى إلى مستوى سمعتها.
فما هي البدائل أمامنا، نحن المستهلكين وحقول التجارب منذ عقود عديدة، إلى أن يوجد حلّ؟ الجواب هو أن التخلص من اللدائن التي تستعمَل مرة واحدة، والتقليل من استخدام اللدائن، والانخراط في التشريعات واللوائح المحلية للحدّ من اللدائن وتدويرها، بداية جيدة.